نستكمل في هذه المحاضرة بقية أنواع البحث ضمن المنهج الوصفي. وهي كالتالي:
بحث تحليل المحتوى (المنهج الوصفي)
يشبه أسلوب تحليل المحتوى البحث الوثائقي من حيث وحدة مصدر المعلومات (الوثائق بمفهومها العام) الفرق بينهما في أسلوب التحليل.
البحث الوثائقي: يتم التحليل كيفيا.
تحليل المحتوى: يتم كميا.
ويعرف بانه: (عبارة عن طريقة بحث يتم تطبيقها من اجل الوصول إلى وصف كمي هادف ومنظم لمحتوى أسلوب الاتصال).
أمثلة لتطبيق تحليل المحتوى:
• تحليل محتوى لعدد من الصحف المحلية أو لعدد من القنوات لمعرفة مدى الاهتمام بقضية ما من خلال ما يُطرح في الصحيفة من آراء ووجهات نظر...إلخ.
• تحليل محتوى كتاب مدرسي لمعرفة مدى تكرار عدد من المفاهيم الواردة فيه، وهل يتناسق ذلك مع اهميتها أم لا؟
متى يطبق تحليل المحتوى؟
تحليل المحتوى يعتمد أساسا على التكميم، أي الأسلوب الكمي في التحليل، ولكنه يطبق لأغراض مختلفة:
• الوصف الكمي للظاهرة المدروسة (الرصد التكراري).
• المقارنة: مقارنة مدى تكرار ظاهرة معبئة بظاهرة أخرى.
• التقويم: قد يكون الهدف هو الوصول إلى إصدار حكم معين على الاتجاه الغالب حول قضية معينة.
كيف يطبق تحليل المحتوى؟
1. توضيح ماهية المشكلة بعناصرها المختلفة.
2. مراجعة الدراسات السابقة.
3. تصميم البحث وتحديد خطواته الإجرائية ويتم بالخطوات التالية:
تحديد مجتمع البحث الكلي (مواد الاتصال التي نشر أو أذيع فيها محتوى المواد المدروسة).
اختيار عينة ممثلة لمجتمع البحث.
جمع وتحليل المعلومات: وذلك من خلال:
A. تصنيف المحتويات المبحوثة بما يتلاءم مع مشكلة البحث وتساؤلاته؟
B. تحديد وحدات التحليل:
أ- الكلمة: حصر كمي للفظ معين ومقدار تكراره.
ب-الموضوع: جملة او اكثر تؤكد مفهوما معينا.
ت-الشخصية: الحصر الكمي لخصائص وسمات محددة ترسم شخصية معينة سواء بأسلوب مباشر أو غير مباشر.
ث-المفردة: وهي الوحدة المستخدمة من المصدر في نقل المعاني والأفكار(كتاب، فيلم، مقال، كاريكاتير...إلخ).
ج- الوحدة القياسية او الزمنية: حصر لطول المقال، عدد صفحاته، مقاطعه، حصر كمي لمدة النقاش فيه عبر وسائل الإعلام المسموعة أو المرئية.
C.تصميم استمارة التحليل.
D.تصميم جداول التفريغ.
E. تفريغ محتوى كل وثيقة بالاستمارة الخاصة بها.
F. تطبيق المعالجات الإحصائية اللازمة الوصفية منها والتحليلية.
G.سرد النتائج وتفسيرها.
البحث السببي المقارن(المنهج الوصفي)
مفهوم البحث السببي المقارن
يدل اسم هذه الدراسة على ماهيتها، إنها تبحث عن الأسباب وتقارن بين الأحداث بغية الوصول إلى جوهر الحقيقة، تقارن وجوه الشبه والخلاف بين الظواهر بغية اكتشاف العوامل والظروف التي تصاحب حدثا معينا أو واقعة بعينها.
والبحث السببي المقارن هو ذلك النوع من البحوث الذي يطبق لتحديد الأسباب المحتملة - ولهذا سمي السببي- التي كان لها تأثير على السلوك المدروس، فليس من خلال التجربة وإنما من خلال مقارنة من يسلك ذلك السلوك او يتصف به بمن لا يسلكه او يتصف به- ولهذا سمي بالمقارن-.
ومن المهم للباحث وهو يبحث عن العلاقة السببية أن يتأكد من ظهور السبب الذي يدرسه دائما مع النتيجة، أو أن السبب يظهر قبل النتيجة، وهل السبب حقيقي أم مجرد علاقة ما مع السبب الحقيقي، وهل هذا السبب هو السبب الوحيد أم هناك أسباب أخرى، وما هي الظروف التي تكون فيها العلاقة قوية بين السبب والنتيجة "زيادة الإنتاج وخطط التنمية"، مما يسهل بالتالي على الباحث ربط السبب بالنتيجة، وتفسير الظاهرة بأسبابها، ونشير فيما يلي إلى:
طرق جون ستيورات ميل في الكشف عن الروابط العلية:
1- طريقة التلازم في الوقوع: أي إن العلة والمعلول متلازمان، ففي المثال السابق زيادة الدخل القومي نتيجة تطبيق خطط التنمية يبين أن الزيادة ترتبط بالتخطيط، ومن هنا يمكن فهم أساس هذه الطريقة وهو ارتباط النتيجة بالسبب.
-2 طريقة التلازم في التخلف: إن زيادة الدخل نتيجة خطة لا يمنع من أن يكون هناك أسباب أخرى يحتمل أن تكون هي التي أدت إلى زيادة الدخل كرفع كفاءة العاملين مثلا ومن هنا كانت طريقة التلازم في الوقوع ليست كافية لإثبات علاقة العلة بالمعلول فوضع "ميل" الطريقة الثانية وهي التلازم في التخلف.
3- طريقة التلازم في الوقوع والتخلف: من الطريقة السابقة يتضح أن زيادة الدخل القومي يمكن أن يكون ناتجا عن وجود التنمية، كما يمكن أن يكون ناتجا عن أسباب أخرى لم يدرسها البحث، ومن هنا لا يجوز الاكتفاء بهذه الطريقة للحكم على ارتباط العلة بالمعلول، ولا بد من البحث عن طريقة أخرى وهي طريقة الجمع بين التلازم في الوقوع والتخلف وتستند هذه الطريقة إلى الأسس التالية:
إذا كان العامل "أ" هو المسئول عن أحداث نتيجة "ب" فإن هذا يعني أنه كلما وجدت "أ" وجدت "ب" وكلما غاب "أ" غابت "ب" أي أنه إذا وجدت العلة وجد المعلول، وإذا غابت العلة غاب المعلول، أي أننا نجمع بين طريقتي التلازم في الوقوع والتلازم في التخلق، ومن هنا يكون الباحث أكثر ثقة في الحكم على أن "أ" هي علة "ب".
فلو أن باحثا حاول أن يدرس الصلة بين وجود الكلس في طعام الطفل وزيادة قوة أسنانه فإن عليه أن يختبر هذه الصلة من خلال تطبيق طريقة الجمع بين التلازم في الوقوع والتخلف على النحو التالي:
يلاحظ الباحث أن وجود الكلس في طعام الطفل وزيادة قوة أسنانه، ثم يلاحظ أن غياب الكلس في طعام الطفل يؤدي إلى ضعف في الأسنان، وبعد أن يتأكد من هاتين الملاحظتين يستطيع أن يقول: بأن وجود الكلس يؤدي إلى زيادة في قوة أسنان الطفل.
4- طريقة التغيير النسبي: وفحوها أن المعلول يتغير مع العلة زيادة أو نقصا، فكلما زادت العلة زاد المعلول، والعكس. فإذا لاحظ الباحث أن تطبيق خطط التنمية يؤدي إلى زيادة في الإنتاج الوطني، وإن عدم تطبيقها بشكل كامل يؤدي إلى نقص الإنتاج القومي فإن الباحث حينئذ يصبح قادرا على إثبات العلاقة بين الإنتاج القومي وخطط التنمية كعلاقة علة بمعلول.
البحث السببي المقارن | البحث الارتباطي | المنهج التجريبي |
كلها تبحث وتطبق لغرض معرفة العلاقة بين متغيرين | ||
يكشف عن الأسباب المحتملة للنتيجة المدروسة. | يبحث معرفة العلاقة ودرجتها | يوضح أثر سبب معين في وجود النتيجة |
هل كان التدخين من مسببات السرطان الرئوي؟ المقارنة بين مجموعتين ماتوا بسبب السرطان الرئوي. مجموعة مدخنة وأخرى غير مدخنة، تم التشخيص لمعرفة السبب بعد وقوع الحالة | علاقة التدخين بالسرطان الرئوي ومقدارها | معرفة أثر التدخين كسبب من أسباب السرطان الرئوي مجموعة تجريبية تتابع لفترة طويلة تدخن، وحجب التدخين عن مجموعة اخرى ضابطة. وتحديد من يصاب بالسرطان الرئوي أكثر؛ فإذا كانت المجموعة المدخنة فنقول التدخين سبب والنتيجة سرطان رئوي. |
إن هذه البحوث تختبر فروضا بين متغيرات المشكلة التي تحتمل ان تكون سببا لحدوث المشكلة: ومن أمثلتها:
- ضعف الانتاجية من الصناعة
- زيادة الميل الحدي للاستيراد.
- انخفاض الميل الحدي للاستيراد
- انخفاض معدلات النمو بالدول النامية.
- تقلبات أسعار المواد الأولية
- زيادة معدلات البطالة بين الفئات المتعلمة.
- زيادة المديونية للدول النامية.
- خسائر شركات القطاع العام.
مثال البحوث السببي المقارنة:
معرفة أثر العوامل التالية في رفع مستوى التحصيل الدراسي:
• عدم تكرار الغياب.
• المشاركة في النشاط الصيفي.
• حل الواجبات المنزلية.
(أسباب رفع مستوى التحصيل الدراسي) فالباحث سوف يختار مجموعتين من الطلاب : مجموعة ذات معدل دراسي مرتفع ، ومجموعة ثانية ذات معدل دراسي غير مرتفع، وذلك من خلال تقاريرهم.
ثم يبحث عما إذا كان لهذه العوامل أثر في ارتفاع المعدل أم لا، ثم يتوصل في النهاية للإجابة.
متى يطبق البحث السببي المقارن؟
يطبق البحث السببي المقارن عندما يكون الغرض من البحث محاولة الكشف عن الأسباب المحتملة من وراء سلوك معين بواسطة دراسة العلاقة السببية المحتملة بين متغير ومتغير أخر من خلال ما يمكن جمعه من معلومات عن السلوك المراد دراسته.
كيف يطبق البحث السببي المقارن؟
1. توضيح كامل لمشكلة البحث بجميع خطواتها المعروفة.
2. مراجعة الدراسات السابقة.
3. وضع الفروض هام في مثل هذه البحوث، فالباحث لا يستطيع أن يجري البحث ما لم تتوافر لديه خلفية علمية كافية تجعل عنده تصور عام عن الأسباب المحتملة (الفروض) ذات الأثر على الظاهرة المدروسة.
وبالتالي على الباحث ان يسرد الأسباب المحتملة (الفروض) التي توصل إليها، ويعتقد انه من المحتمل جدا ان يكون لها أثر ثم يتبعها بسرد البدائل (الفروض البديلة)، وهذا يساعده لأن يتوصل إلى نتائج دقيقة في معرفة الأسباب ذات الأثر.
4. تصميم البحث وتحديد الخطوات الإجرائية وفيها:
تحديد مجتمع البحث.
اختيار عينة البحث (مجموعتين متشابهتين ومتكافئتين تماما في معظم الخصائص ما عدا الخاصية (المتغير المستقل) المراد دراستها.
جمع المعلومات: فهنا يكون تصميم الأداة ؛ فقد تكون إستبانة، مقابلة، اختبارات مقننة، تحليل وثائقي لملفات الطلاب مثلا...).
تحليل المعلومات (المراجعة، التبويب، التفريغ، تحليل، تفسير المعلومات)
ملخص البحث وعرض النتائج والتوصيات.
البحث الارتباطي (المنهج الوصفي)
مفهوم البحث الارتباطي
من كثرة استخدامه وتطبيقه في البحوث السلوكية جعل بعضهم- أي علماء المنهجية- يعرضه مفصلا في كتاباتهم، وبعضهم يعده منهجا قائما بذاته، وليس كفرع من المنهج الوصفي.
ويقصد بالبحث الارتباطي: (ذلك النوع من أساليب البحث الذي يمكن بواسطتة معرفة ما إذا كان هناك ثمة علاقة بين متغيرين او اكثر، ومن ثم معرفة درجة تلك العلاقة).
هدفه : هل توجد علاقة؟ لا.
نعــم : طردية -- عكسية ؟
نعـم :– موجبة -- سالبة؟
فالمنهج ألارتباطي لا يطبق لتقرير العلاقة السببية ، أي لا يطبق لمعرفة أثر السبب على النتيجة، أو أي من المتغيرات هو السبب والآخر هو النتيجة. فمثلا: قد تكون هناك علاقة موجبة بين (أ) و (ب): فقد تكون (أ) وقد يكون هناك عامل ثالث لوجود (أو ب) وقد تكون العلاقة اعتباطية.
لكن هذا لا يعني عدم الاستفادة من البحث الارتباطي للتنبؤ بالسبب دون الجزم به.
أمثلة للبحوث الارتباطية:
العلاقة بين ارتفاع المعدل الدراسي وبين المشاركة في النشاط الصفي.
تحديد العلاقة بين الدخل الوطني والاستهلاك الوطني.
تحديد العلاقة بين الانتاج ومستلزمات الإنتاج.
تحديد العلاقة بين الانتاجية والأجور والمستوى التعليمي للعمال.
متى يطبق البحث الارتباطي؟
يطبق البحث الارتباطي إذا كان الغرض من البحث هو معرفة ما إذا كانت هناك علاقة أم لا بين متغيرين أو اكثر، كأن يكون الهدف من البحث معرفة:
هل هناك علاقة بين ارتفاع الدخل الوطني وزيادة الاستهلاك الوطني، او معرفة هل هناك علاقة بين المشاركة في النشاط غير الصفي وبين ارتفاع المعدل الدراسي.
معرفة مقدار العلاقة (سالبة ام موجبة) بين متغيرين او اكثر.
التنبؤ بتأثير متغير على متغير أخر، كان يكون الهدف من البحث التنبؤ بارتفاع وزيادة الانتاج في المؤسسات الصناعية عند معرفة درجة توفر مستلزمات الانتاج وسهولة اقتنائها.
كيف يطبق البحث الارتباطي؟
توضيح المشكلة.
مراجعة الدراسات السابقة.
تصميم البحث طبقا للخطوات التالية:
تحديد المتغيرات المراد دراستها.
اختيار العينة.
تصميم او اختيار أداة البحث.
اختيار مقياس الارتباط الذي يلائم مشكلة البحث حيث هناك عشرة من مقاييس الارتباط أهمها مقياس سيبرمان وبيرسون لمعامل الارتباط.
ويعبر عن كمية ودرجة العلاقة بمعامل الارتباط "Cofficient of Correlation" ومعامل الارتباط يكون صفرا، أو أن يكون الارتباط إيجابيا أو سلبيا "+ أو -". وفي حال كون النسبة منخفضة تصل إلى "-1" فإن ذلك يعني أن العلاقة بين العاملين علاقة عكسية، أي إن الزيادة في عامل معين تعني نقصانا ما في العامل الثاني بنسبة ثابتة، والارتباط الإيجابي "3+" أو الأعلى من ذلك، يمكن أن يعتبر دليلا كافيا للدرجة الإيجابية للعلاقة وإن كان ذلك يخضع أحيانا لحكم الباحث وتقديره، الذي عليه أن يحسب كمية الخطأ في الأرقام المستخدمة قبل أن يقرر أن هناك علاقة قوية أو ضعيفة بين عاملين..................يتبع.....................