في مجال التحفيز في مكان العمل، تلعب الحوافز المعنوية دورًا محوريًا. فهي تتجاوز المكافآت المادية، وتلبي الاحتياجات النفسية والاجتماعية العميقة للموظفين. تستكشف هذه المحاضرة مفهوم الحوافز المعنوية ، مع التركيز على دورها في رعاية الإنسانية داخل مكان العمل. وبعيدًا عن مجرد العمل، فإنهم يشجعون الموظفين على المساهمة بالأفكار والإبداع، وتحقيق تحقيق الذات، والقبول الاجتماعي، والاحترام. وفي قوة العمل الديناميكية اليوم، اكتسبت الحوافز المعنوية أهمية كبيرة.
ويتناول المقال أنواعًا مختلفة من الحوافز المعنوية، مثل مواءمة طبيعة الوظيفة مع قدرات الفرد وطموحاته، وضمان الاستقرار الوظيفي، وتوسيع الأدوار، وإثراء العمل. ويسلط الضوء على أهمية ظروف العمل المناسبة، والمشاركة في صنع القرار، وأساليب الإشراف، وتدريب الموظفين، والمؤهلات. تعتبر الترقيات والتقدير وتعزيز العلاقات الجيدة والقيادة الفعالة أيضًا من الحوافز المعنوية الرئيسية.
بشكل عام، يسلط هذا الاستكشاف الضوء على كيفية تعزيز الحوافز المعنوية لرضا الموظفين ومشاركتهم وإنتاجيتهم، مما يساهم في النجاح التنظيمي.مفهوم الحوافز المعنوية
والحوافز المعنوية هي التي تشبع حاجة أو أكثر من الحاجات الاجتماعية أو الذاتية للفرد كالحاجة إلى تحقيق الذات أو القبول الاجتماعي أو الاحترام .
ولقد زاد الاهتمام بالحوافز المعنوية نتيجة تقدم التكنولوجيا وطرق العمل وأساليبه، ونتيجة تطور القوى العاملة وتغير هيكلها وزيادة درجة الطموح والتطلعات لدى الأفراد.
كما دعت مدرسة العلاقات الإنسانية المديرين إلى التفكير في عدة أساليب تستطيع من خلالها أن تحفز العاملين إلى بذل المزيد من الجهد، ولقد ساعد أيضا تقدم فروع علم النفس الاجتماعي على التفكير في أساليب جديدة للتحفيز.
وعليه يمكننا القول بأن الحوافز المعنوية هي الحوافز التي تساعد الإنسان وتحقق له إشباع حاجاته الأخرى النفسية والاجتماعية، فتزيد من شعور العامل بالرقي في عمله وولائه له، وتحقيق التعاون بين زملائه.
أنواع الحوافز المعنوية:
هناك عدة حوافز معنوية تتعلق سواء بالعمل أو بيئته المحيطة به , وسنشرح فيما يلي أهم أنواع الحوافز المعنوية:
- طبيعة العمل:
تكون طبيعة العمل ونوع الوظيفة التي يؤديها الفرد حافزا إذا كان هناك توافق بين قدرات الفرد ومهاراته مع الوظيفة التي يؤديها من جهة، ومع طموحاته وأفكاره من جهة أخرى . فإذا تم هذا التوافق، فإن أداء العمل يشبع لدى العامل حاجاته النفسية التي تتمثل في احترام النفس وتأكيد الذات. والفكرة في هذا كما يقول هيرزبرج أن الإدارة يمكن أن تستخدم حوافز كثيرة لتحفيز العاملين، ولكن الأهم هو أن يكون لدى الفرد محرك ذاتي يدفعه ويوجهه، وهذا المحرك هو نوع العمل الذي يمارسه الفرد. وتتوقف قوة هذا المحرك على درجة التوافق أو التعارض بين طبيعة العمل وقدرات الفرد ورغباته.
-الضمان والاستقرار الوظيفي:
هذه الرغبة تتصدر قائمة الرغبات لدى العاملين في كثير من المنظمات وتنبع من الإحساس العام للفرد بضرورة توافر قدر مناسب من الاستقرار والثبات في العمل الذي يقوم به، "ونعني به بقاء العامل في منصب عمله وثباته في العمل الذي يقوم به، وعندما يتوفر هذا الاستقرار يشعر العامل بالأمان والانتماء إلى المنظمة التي يعمل بها ومن تم يبدل كل ما في وسعه لتأدية عمله على أكمل وجه ليضمن دخلا مناسبا له في تحقيق أرباح المنظمة التي يعمل بها، لأن استمرارها في تأدية نشاطها معناه ضمان منصب عمله وبالتالي تأمين متطلبات الحياة من خلال دخله.
-أسلوب توسيع العمل :
يقوم هذا الأسلوب على توسيع مهام الموظف و تنويعها من حيث محتواها الفني , مع مراعاة أن يكون مستوى هذه المهام قريباً من مستوى تلك التي كان يقوم بها , ويهدف هذا الأسلوب بصورة أساسية إلى إتاحة الفرصة للموظف أن يمارس اختصاصات متعددة مما يساعده على التخفيف من رتابة العمل وبالتالي يزيد من تحفيز الأفراد على أداء الأعمال . .
و يتخذ أسلوب توسيع المهام في مجال العمل الإداري ثلاثة طرق رئيسية :
§ التناوب على الوظائف بحيث يمكن للموظف أن يتعاقب مثلاً وعلى فترات محددة بين وظيفتين تتصفان بخصائص متعاكسة مثل عمل ثقيل / عمل خفيف ، عمل يتطلب الدقة / عمل يتطلب السرعة , وهذا من شأنه أن يساهم في اثراء خبراته وإبراز نقاط القوة والضعف في عمله.
§ تبديل الوظيفة بحيث يمكن للموظف بأن ينتقل في نهاية مدة زمنية معينة من وظيفة إلى وظيفة أخرى مختلفة في نفس المسمى الوظيفي .
§ تجميع مهام متجانسة و ذات مستوى متماثل و تكليف الموظف بها و ذلك لعدم قصر تكليفه على مهمة واحدة محدودة و مكررة . و تهدف هذه الطرق في توسيع المهام التغلب بصورة أساسية على مشكلة رقابة العمل و لذلك قد يكون لها أثر إيجابي على الدافعية للعمل ، إلا أنها تشكل خطوة أولى على طريق تطوير محتوى العمل باتجاه إثراء المهام.
- إثراء العمل/ الوظيفة :
يقصد به إعطاء العاملين ومنحهم فرصا أكثر وحرية أوسع في تخطيط وتنظيم ومراقبة أعمالهم , وهذا يعني زيادة التوسع في الأعمال ,وبمعنى أدق إعطاء المرؤوس بعض المهام والواجبات التي يقوم بها رئيسه ,وبا لتالي زيادة مشاركته في اتخاذ القرارات التي تتعلق بعمله وبشكل يؤدي إلى تغير محتوى العمل مثلا بدل من أن يقتصر دور المحاسب على استلام الأموال للصندوق يعطى مسؤولية صرف الأموال والرقابة عليها واتخاذ القرارات المتعلقة بإدارة الأموال مما يتفق معا مصلحة المؤسسة , هذا الأسلوب يعمل على تنويع واجبات الوظيفة و مسئولياتها و التجديد في أعبائها بالشكل الذي يهيئ لشاغلها أن يجدد قدراته و يطور مهاراته لمقابلة هذه الأعباء و المسؤوليات.كذلك فإنه يؤدي إلى زيادة الارتباط المرؤوس وولائه للعمل ويزيد من إحساسه بالمشاركة والإنجاز بشكل يؤدي إلى رفع درجة روحه المعنوية ويقوى الالتزام التنظيمي لديه بالتالي زيادة إنتاجه.
-ظروف العمل المادية الملائمة:
إن توفير ظروف عمل مادية ملائمة يؤدي إلى زيادة رغبة العاملين في بدل الجهد المطلوب وكذلك تساعدهم على السرعة في الإنتاج وتحسينه، كم تعمل ظروف العمل الملائمة على تخفيف التعب والإرهاق والملل لدى العاملين وتقلل من نسبة ترك العمال لأعمالهم، كما تخفض من نسبة التغيب والمرض والتمارض. لذلك فإن اختلاف ظروف العمل من مكان لأخر تبقي في نفسية العامل وتجده دائما يرغب أو يشتاق إلى العمل في المواقع الأكثر هدوءا وراحة والأقل عرضة للمخاطر حيث اكتشفت الأبحاث الحديثة أن إنتاجية العامل تتأثر تأثرا ملحوظا بالعوامل التي تحيط بجو العمل.
-إشراك العاملين في صنع القرارات:
وهذا يعنى اعتراف الإدارة في المنظمة بقيمة العاملين وقدرتهم على تحمل المسؤولية والمساهمة في اتخاذ القرارات على الأخص تلك القرارات التي ترتبط بحقوقهم والتزاماتهم في العمل والإنتاج . هذا بالإضافة إلى أهمية إشراك العاملين في وضع الأهداف والسياسات والإجراءات المؤسسية مما يسهم في رفع روحهم المعنوية ، ويدفعهم إلى بذل أقصى جهد ممكن في سبيل تحقيق هذه الأهداف والالتزام بالسياسات التي شاركوا في وضعها . ولعلنا نلاحظ اليوم أن كثير من المؤسسات تعطى أهمية كبيرة لرأي منسوبيها وتبتكر الوسائل المختلفة للحصول على آرائهم وإشراكهم في إنجاح وظيفة المؤسسة وذلك نظرا لما لمسته من نتائج إيجابية في مجال تحقيق مستويات عالية من التحسين والتطوير في أداء أدوارها ، هذا بالإضافة إلى ما تحققه هذه المشاركة من تحسين مستمر لقدرات العاملين وتحسن أدائهم مما يبعث الثقة في نفوسهم ويشعرهم بأهميتهم .
-نمط الإشراف:
يُـقصد بالإشراف تلك الجهود التي يبذلها الرؤساء نحو مرؤوسيهم من الناحية الإدارية والفنية، وذلك بغية تحقيق أهداف مشتركة. ويتم غالبا تصنيف المشرفين إلى مشرفين إيجابيين يعملون على حفز العاملين عن طريق زيادة الإشباع لرغباته والاهتمام بالموظف كإنسان، ومشرفين سلبيين يعملون على استثارة الخوف والشعور بعدم الأمان ويوجهون اهتماماتهم للإنتاج .
ودلت الدراسات التي أجريت على نمط الإشراف الذي يتبعه الرئيس مع مرؤوسيه إلى وجود علاقة بين نمط الإشراف ورضا المرؤوسين في العمل، فالدراسات التي أجريت في جامعة متشجن أكدت على أن المشرف الذي يهتم بالعلاقات الشخصية السائدة بينه وبين العاملين ويعمل على كسب ولاء مرؤوسيه، يحقق مستوى رضا عال عن العمل.
- تأهيل وتدريب العاملين:
يستمد التدريب أهميته التحفيزية من مفهومه الحديث، إن التدريب يتناول الفرد في مجموعه ويعالج معلوماته وقدراته وسلوكياته واتجاهاته، فالتدريب يحرك في الفرد الرغبة في إتقان العمل ويحفز الفرد على تحسين الأداء وزيادة الإنتاجية ويرفع من معنويات الأفراد، كما يساعد على التكيف مع المتغيرات ويرفع كفاءة وخبرة العاملين ويعزز حالة الاستقرار النفسي لديهم . كما ان التدريب يمكنهم من تبوء المراكز المتقدمة وإتاحة الفرصة لهم للترقية وشغل وظائف أفضل من التي يعملون فيها . ومن المؤكد أن عملية التأهيل تتطلب جو عمل طبيعي للأفراد الجدد بشكل يشعرهم بأنهم جزء من المنشأة وليسوا غريبين عنها مما يؤدي إلى خلق شعور بالرضاء والطمأنينة كما تتضمن كذلك برامج تدريبية ملائمة أثناء العمل أو خارجه تساعدهم في تعلم أصول العمل وإتقانه, وهذا الأسلوب لا يقتصر على العاملين الجدد وإنما يتضمن القدامى كذلك , وخاصة إذا كانت المنشاة تسعى لتطوير مستوى العمل لديهم لتتلاءم مع التطورات العملية والفنية والاقتصادية في البيئة التي تعمل بها .
-الترقيــة:
تعتبر حافزا معنويا إلى جانب كونها حافزا ماديا، فهي تحمل معها زيادة في الأعباء والمسؤولية وتأكيد الذات . وتعتمد فاعلية الترقية كحافز على العمل فيما إذا ربطت بالكفاءة و الإنتاج, فإذا كان لدى العاملين رغبة أو دافع لشغل منصب وظيفي أعلى من منصبهم الحالي تحقيقاً لنزعة أو لحاجة لديهم و المكانة الوظيفية ففي هذه الحالة ستكون الترقية حافزاً مشجعاً للعاملين على العمل والإنتاج. وعندما يشعر الأفراد أن إمكانية الترقية متاحة لهم، فإن ذلك سيحفزهم ويحرك التنافس بين جميع أفراد المنظمة. وتستخدم المنظمة أسلوب الترقية من الداخل، بمعنى أن تملأ المناصب القيادية فيها من بين الذين تتوفر فيهم الشروط الملائمة من موظفي المنظمة. وقد تضع المنظمة لذلك خططا معينة مثل إسناد مهمات خاصة أو إعطائهم توجيهات من قبل المشرفين أو تناوبهم في وظائف محددة لتعميق خبراتهم.
وتتجلى أهمية هذا الحافز في كونه يدل على اعتراف الإدارة بأهمية العامل وتقدير ما يبذله من جهد في عمله في إثبات كفاءته حيث ينبغي إعطاء الفرد الإحساس بأهميته للعمل وتقدير ما يبدله من جهد أثناء عمله وكلما زاد حرص الإدارة على الاعتراف بأهمية العامل كلما أدى ذلك على توحيد الجهود للوصول إلى تحقيق أهداف المنظمة وفي نفس الوقت تحقيق رضا العاملين.
-العلاقة الطيبة بين العاملين
: إن الإنسان بطبعه اجتماعي فهو يسعى إلى إقامة صداقات وعلاقات مع زملائه في العمل وتكون هذه العلاقات ما يسمى بالجماعات غير الرسمية. وتكون العلاقات الطيبة بين العاملين حب الجماعة، وتفضيل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وتزرع فيهم روح الفريق، ولكي تتحقق العلاقات الطيبة بين العاملين لابد من أن تعمل الإدارة على إشباع هذا الجانب من الحاجات الاجتماعية المتمثلة على سبيل المثال في تنظيم رحلات سياحية للعاملين وعائلاتهم، وتنظيم حفلات بالمؤسسات في المناسبات الوطنية والدينية، تنظيم مقابلات رياضية...إلخ.
-القيادة العادلة ذات الكفاءة :
تعد القيادة من أهم العوامل التي تؤثر على الأداء في المنظمات ويمكن تعريفها كما يلي: "هي عملية التأثير في المرؤوسين لتوجيه جهودهم من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة". ونستطيع أن نقول بأن القيادة نشاط وفعالية تحتوي على التأثير في سلوك الآخرين كأفراد وجماعات نحو إنجاز وتحقيق الأهداف المرغوبة.
-إتباع سياسة الباب المفتوح:
وذلك بضمان حرية العاملين في الاتصال بالإدارة بيسر وسهولة وتقديم اقتراحاتهم والعمل على تلبية مطالبهم , فينبغي على المدراء أن يجعلوا أبوابهم مفتوحة أمام الموظفين سواء أبواب مكاتبهم الفعلية، أو بريدهم الإلكتروني. إذا ما حاول أحد الموظفين التحدث مع مديره، يجب حينها أن يقوم المدير بتوفير الوقت الكافي له حتى إذا لم يكن الوقت مناسبا. فسياسة الباب المفتوح تبني الثقة وتبرز اهتماما فعليا بما يرغب الموظفون في قوله.
-المعرفة بالنتائـــج :
إذا كان لا بد من طريقة لقياس النتائج، فإن قياس وتقييم الأداء يعتبر من بين الأنشطة الملائمة في ذلك، إن دورية واستمرارية القياس والتقييم تعتبر الوسيلة التي يعرف بها العامل مدى التقدم الذي أحرزه في مجال عمله السابق، فالفرد يريد أن يعرف ما إن كانت جهوده تكلل بالنجاح أم لا ومدى التقدم الذي أحرزه في مجال العمل حتى يشعر بالأمان في الوظيفة.
أشكال أخرى للحوافز المعنوية:
· توجيه الإدارة كتب شكر
توجيه الادارة كتب وشكر تقديرا للمبدعين من العاملين ونشر هذه الكتب في المجلات الداخلية للمؤسسة ليطلع عليها كافة العاملين مما يزيد روح المنافسة بينهم لتقديم الأفضل .
· لوحات الشرف:
و يعني بذلك إدراج أسماء المتميزين في العمل في لوحات الشرف داخل المنظمة مما يزيد ولائهم و يدفعهم للمزيد من الجهد.
· تسليم الأوسمة:
و هذا الحافز الإيجابي يعطى لمن كانت خدماته كبيرة أو جليلة، و يعد هذا الحافز دافعا للعاملين لإبراز قدراتهم و أحقيتهم بالتقدير والاحترام..
· منح جوائز عن طريق تنظيم مسابقات.
· الاشتراك في المصايف والرحلات والحفلات الترفيهية.
· التوجيه والتدريب والبعثات التدريسية.
· مسح إحصائي لمعرفة آراء و اتجاهات العاملين تجاه المنشأة .
· وضع نظام صندوق الاقتراحات لكي يستطيع الفرد التعبير عن مشاكله وآرائه و أفكاره
· وضع نظام فعال لحل الشكاوي و النزاعات التي تنشأ داخل المنشأة بين العاملين فيها .
شروط التحفيز المعنوي:
هناك عدة شروط تحدد كيفية استخدام التحفيز المعنوي
· توضيح جوانب الأداء والسلوك الوظيفي التي تقود إلى الحصول على التحفيز المعنوي لكافة الموظفين والعاملين .
· الاهتمام بالجوانب الايجابية في الأداء والسلوك الوظيفي لدى العاملين , وتعزيزها بالحوافز.
· تقديم الحوافز المناسبة للأداء والسلوك الوظيفي.
· تحقيق التوازن بين قيمة المخرجات (منتج/خدمة/معلومة) وقيمة الحافز .
· تقديم الحوافز خلال فترات متتالية لتحقيق ديمومة استمرا الأداء والسلوك الجيد.
· تقديم الحوافز فور الحصول على النتائج المحققة.