recent
أخبار ساخنة

المحاضرة الخامسة : خطوات اعداد البحث العلمي (1)

  

رسم توضيحي يظهر باحثًا يفكر في خيارات مختلفة لمشكلة البحث. تبرز العدسة المكبرة عوامل رئيسية مثل النظريات والخبرة العملية والاعتبارات الشخصية. يتم تصوير الباحث في وضع مدروس يعكس عملية اختيار مشكلة البحث الصحيحة


وتتمثل خطوات اعداد البحث في التالي:

•      توضيح ماهية المشكلة

•      مراجعة الدراسات السابقة

•      تصميم البحث وتحديد خطواته الإجرائية

•      تحليل المعلومات وتفسيرها

•      تلخيص البحث وعرض النتائج والتوصيات

 الخطوة الأولى: توضيح ماهية المشكلة

 كلمة "مشكلة" ترجمة للكلمة الانجليزية Problem ، وقد شاعت هذه الترجمة في كتب البحث ومناهجه التي كتبت باللغة العربية ، برغم  عدم دقتها في تصوير المراد منها في البحث العلمي .

كلمة "مشكلة" في اللغة العربية تعني أن هناك مصاعب وعقبات تحول بين الإنسان وبين أدائه لعمله. مما يتطلب معالجة إصلاحية . أما في البحث العلمي فان كلمة "مشكلة" قد تعني المعنى السابق وقد لا تعني ، بمعنى أنها تعني مفهوما أوسع وأشمل من المدلول السابق.

والأمر الغريب أن كثيرا من علماء المنهجية الأوائل تجنبوا تعريف "مشكلة" في البحث العلمي , وإن تم اقتباسها واستخدامها لفظا ، بل كتبوا حولها وسودوا الصحف لكنهم لم يغامروا في وضع تعريف لها، وإذا تحدثوا عنها انما يفهم من عرضهم لها انها تعادل "موضوع".


رسم توضيحي يظهر باحثًا يفكر في خيارات مختلفة لمشكلة البحث. تبرز العدسة المكبرة عوامل رئيسية مثل النظريات والخبرة العملية والاعتبارات الشخصية. يتم تصوير الباحث في وضع مدروس يعكس عملية اختيار مشكلة البحث الصحيحة



إن مصطلح مشكلة يرجع الى الشعور بالصعوبة ، فهناك من حاول تعريف مشكلة ، لكن كثيرا من تلك التعريفات غير دقيقة ، أو أنها تخص نوعا من البحوث دون بحوث أخرى مثلا.

-  تعريف كرلينجر 1964 : عرف المشكلة (بأنها جملة استفهامية تسأل عن العلاقة الموجودة بين متغيرين أو أكثر). وبالتأمل في هذا التعريف نجد أنه يصدق على البحوث التجريبية فقط .

-  قاموس ويبستر عرف المشكلة بأنها:  (تساؤل يتطلب حل أو انتباه). ونرى أن هذا التعريف عام ينطبق على الأسئلة السهلة ، مثال : كيف أصل المطار؟.

-   المشكلة كما يراها ساندرز : (حالة تُنتَج من تفاعل عاملين (معطيات ، حالات ، رغبات ، .....) أو أكثر، فتحدث تفاعلا مثل: 

-   حيرة وغموض.

-  عاقبة غير مرغوبة.

-   تعارض بين خيارين لا يمكن اختيار واحد منهما دون بحث وتحري.

فالعوامل التي تتفاعل بينها هي المقدمات. بينما الحيرة أو العاقبة غير المرغوبة أو التعارض هو النتيجة.

(مقدمة أولى ، مقدمة ثانية )  نصل الى النتيجة: هناك عوامل ما تؤدي الى التباين بين المقدمتين. اذن المشكلة: الحيرة حول ما العوامل؟.

مثال:

م 1 : الحكومة الجزائرية تدعم الصادرات خارج المحروقات لزيادة حجمها.

م 2 : الإحصاءات الرسمية تفيد  بتراجع حجم الصادرات خارج المحروقات .

النتيجة : هناك أسباب تحول دون تحقق الهدف.

المشكلة :هناك تساؤل حول الأسباب التي أدت إلى هذه العاقبة غير المرغوبة ....؟

كيف تحل المشكلة؟

حل المشكلة حسب التعريف السابق يكون بتوضيح الحيرة أو إزالة العاقبة غير المرغوبة أو تخفيفها أو حل التعارض باختيار احد البدائل.


 اختيار المشكلة:

مرحلة اختيار مشكلة البحث من اصعب واهم المراحل التي يمر بها الباحث أثناء قيامه بالعملية البحثية.


رسم توضيحي يظهر باحثًا يفكر في خيارات مختلفة لمشكلة البحث. تبرز العدسة المكبرة عوامل رئيسية مثل النظريات والخبرة العملية والاعتبارات الشخصية. يتم تصوير الباحث في وضع مدروس يعكس عملية اختيار مشكلة البحث الصحيحة.


ان هذه المرحلة صعبة ، خاصة للباحث المبتدئ الذي يبذل مجهودا كبيرا ووقتا طويلا دون أن يصل الى اختيار معين، مما قد يترتب عنه احباط أو حديث نفس بأن ليس هناك مشكلة جيدة قابلة للبحث والدراسة ، أو لم أستطع ولن استطيع أن أجد مشكلة جديرة بالبحث ، كما أن المشكلات المهمة وجدتها مبحوثة.

وأمام هذا الضغط سوف يكون الباحث مهيأً نفسيا وذهنيا لقبول اقرب مشكلة تطرأ على ذهنه أو يُشار عليه بها ، سواء أكانت مشكلة مهمة أم لا ، أو كان لديه الاستعداد الشخصي أو العلمي لدراستها أم لا.

كذلك هذه المرحلة مهمة جدا ، وكما في المثل الإنجليزي (صياغة السؤال صياغة جيدة تحقق نصف اجابته)

(A Question well stated id a question half answered)

أن مرحلة اختيار مشكلة البحث مهمة لأن قيمة البحث تتوقف أساسا على القيمة العلمية أو الاجتماعية للمشكلة المطروحة ، وما عدا ذلك فهي أمور أخرى تتصل بالمنهجية تأتي فيما بعد، فباختيار مشكلة البحث يتبدد اليأس والحيرة السابقة .

 طرق اختيار مشكلة البحث:

يتعين على الباحث عند اختياره للمشكلة أن يحدد ابتداء مجال البحث الذي يرغب فيه. ومما يساعده في تحديد المجال بعض الأسئلة مثل:

• ما الأعمال التي يرغب أن يقوم بها ويشغلها؟

• ما المجالات العلمية والفكرية التي يميل اليها؟

•  ما الأهداف التي يتعين عليه السعي لتحقيقها اثناء مسيرته العلمية؟

ومن خلال الإجابة على الأسئلة السابقة يكون الباحث قد اختط لمستقبله العلمي أو العملي أو الأكاديمي أو المهني خطة سليمة يبدأوها بتحديد مشكلة بحث لرسالته العلمية. وبدون ذلك سوف يقع في تخبط وانتقال من مجال الى مجال آخر ، دون الوصول الى هدف أو نتيجة.

وبعد تحديد المجال ينتقل الى مرحلة أكثر تحديدا  في اختيار المشكلة البحثية في المجال الذي اختاره , وذلك باتباع واحدة أو أكثر من الطرق التالية:


رسم توضيحي يظهر باحثًا يفكر في خيارات مختلفة لمشكلة البحث. تبرز العدسة المكبرة عوامل رئيسية مثل النظريات والخبرة العملية والاعتبارات الشخصية. يتم تصوير الباحث في وضع مدروس يعكس عملية اختيار مشكلة البحث الصحيحة.

 1- القراءة المنظمة:

وتفيد الباحث في اختيار مشكلة البحث إذا اتبع الخطوات التالية بالترتيب :

- تحديد مجال البحث ولو كان واسعا .

- القيام بالتصفح والقراءة السريعة المسحية  لأكبر قدر ممكن للكتب والبحوث التي كتبت في المجال. 

- اختيار عدد محدد ولو كان قليلا من الكتب والبحوث التي تم الاطلاع عليها بشكل عاجل في الخطوة السابقة. ويُعتقد أنها الأولى فيما يجب قراءته في ذلك المجال من حيث شمولها وطريقة عرضها.

-  قراءة ما تم اختياره في المرحلة السابقة قراءة ناقدة.

- يحدد الباحث الجانب الذي تميل إليه نفسه ، ولديه الاستعداد العلمي للبحث فيه.

- القيام بتصفح وقراءة سريعة مسحية لأكبر عدد ممكن من الكتب والأبحاث التي كتبت في ذلك الجانب.

- اختبار عدد محدد ولو كان قليلا من الكتب والأبحاث التي تم تصفحها ويعتقد انها الاولى فيما يجب قراءته في الجانب من حيث شمولها وطريقة عرضها.

- قراءة ما تم اختياره من كتب وأبحاث قراءة ناقدة .

- اختيار مشكلة  (موضوعا) للبحث.

 عيوب استخدام هذه الطريقة:

- الجهد المبذول كبير

- طول الوقت المستخدم.

ايجابيات هذه الطريقة:

- تبصير الباحث بالجوانب المهمة والجوانب غير المهمة في المشكلة التي قد يختارها الباحث .

- تبصير الباحث بالبدائل الممكنة ليختار من بينها.

 2- النظرية :

 وتعد النظريات وتحقيقها من المصادر التي تساعد الباحث في اختيار المشكلة البحثية. فمثلا يختار الباحث تحقيق نظرية هيرزبيرج في عوامل الرضا الوظيفي وعوامل عدم الرضا مشكلة لبحثه في مجال الإدارة العمومية مثلا.

 3- الرسائل الجامعية:

الرجوع الى الرسائل الجامعية مهم جدا ، إذ أن معظمها ينتهي باقتراح عدد من البحوث المستقبلية توصل اليها الباحث عند معالجته لموضوعه. ومثل تلك المقترحات مهمة ، خرجت من رحم المعايشة والمعاناة في إعداد البحث ، كما أن أهمية بحثها واضحة ومبررة ، وهذا طبعا لا يعمم على مقترحات كل الرسائل العلمية ، لذلك وجب التحري والتحقيق والتدقيق والتمييز فيما يقرأ من مقترحات.

4- الإعادة:

من طرق اختيار المشكلة البحثية أن يقوم الباحث بإعادة بحث مشكلة سبق أن بُحثت ، وهذا بطبيعة الحال يؤخذ بحذر شديد . وعند اللجوء إليه لا بد من الإجابة على الأسئلة التالية:

-  هل لدراسة المشكلة اثر واضح وكبير في تقدم المعرفة أو حل مشكلة ملحة؟

- هل الإعادة سوف تضيف أشياء جديدة أو توضح بعض النقاط لم يوضحها البحث السابق؟

-  هل هناك شكوك مبررة علميا حول صحة نتائج الدراسة السابقة؟

إن الاعادة ليست من الطرق التي ينصح بتطبيقها ما لم يكن لدى الباحث مبرر قوي لذلك.

فمن سلبيات استخدام أسلوب الاعادة في اختبار مشكلة البحث ما يلي:

-  قد يتأثر الباحث الحالي في الغالب بالباحث السابق مما ينعكس على منهجية البحث والخطوات الإجرائية.

-   يحرم الباحث من اكتساب مهارات عديدة تتكون وتتنمى عنده من جراء إجرائه للبحث بنفسه. ومن أهمها: 

•   مهارة اختيار المشكلة.

•    مهارة وضع خطة بحثية لها.

•   تحديد المنهج الملائم.

•   تصميم الأداة المناسبة....الخ

 5- الملاحظة الهادفة:

يقوم الباحث بملاحظة لهدف معين ، اذ يلاحظ الظواهر السلوكية المرتبطة بهذا المجال ، ومن خلال ذلك سوف يتمكن من أن يختار مشكلة لبحثه.

 6- الخيرة العلمية :

 يمكن للباحث أن يحصل ويختار مشكلة بحثية من خلال الاستفادة من الانشطة العلمية التي يقوم بها والتحري من خلالها عن مشكلة لبحثه. وذلك عند قراءة كتاب ، أو الحضور لمحاضرة ، أو المشاركة في نقاش. وذلك بتسجيل ما يثير انتباهه من موضوعات بحثية.

7- الخبرة العملية: 

يقوم الباحث بمراجعة نفسه في استعراض الخبرة العملية له، ومحاولة الرجوع بنفسه الى الوراء ، وتذكر ما واجهه من صعوبات أو علامات استفهام في يوم ما يمكن أن يجد الإجابة عليها ، فقد يتذكر موقفا مرَّ به مباشرة أو عاصره في مكان عمله.

 8- الاستشارة:

وهي اقل الطرق فائدة ولكنها أكثر تطبيقا ، فقد يستشير الباحث أحد أساتذته أو الباحثين الذين سبقوه ، فيما يرون انه جدير بالدراسة، انطلاقا من تجاربهم السابقة، وجهودهم العلمية.

 تقويم المشكلة:

بعد أن يستقر الباحث على مشكلة بحثية معينة، وقبل أن يقرر بشكل نهائي اختيارها، لا بد أن يُخضعها لمعيار تقويمي دقيق، يُقوِّم أهمية بحثها ليصل إلى أن يختارها بعينها أو يبحث عن بديل آخر.

وفي الواقع ليست هناك معايير لذلك ، لكن هناك أسئلة تطرح ، تساعد الباحث على ذلك، ومنها :

  أ‌-  أسئلة تتعلق بالاعتبارات الشخصية:

- هل أملك أو سوف استطيع أن أملك المهارات والقدرات والخلفية العلمية الضرورية لدراسة هذه المشكلة؟.

-   هل لديَّ الوقت والإمكانات المادية ما يؤهلني لبحثها ؟

-   هل استطيع أن أحصل على المعلومات ذات العلاقة؟

ب‌-   أسئلة تتعلق بالاعتبارات الاجتماعية:

-   هل سوف يكون لنتائج الدراسة أثر في تقدم المعرفة في مجال البحث أو تقديم حل لمشكلة ملحة؟

-  هل سبق أن أُجريت الدراسة ؟ وهل هناك من سيقوم بها حاليا؟

- هل المشكلة ذات طبيعة محددة ، يمكن حقيقة الانتهاء بدراستها إلى نتائج محددة؟

إن مراعاة تلك الاعتبارات كلها عند اختيار مشكلة البحث سيساهم في تقليل الجهد واختصار الوقت.



google-playkhamsatmostaqltradent