recent
أخبار ساخنة

المحاضرة السابعة : الحوافز المالية الفردية

  

صورة توضح العلاقة بين الأداء ورضا العملاء والتعويض المباشر في الإدارة التنظيمية.

يمثل التعويض المباشر مصدر رزق وعيش السواد الأعظم من الموارد البشرية في المنظمات، وفي الوقت نفسه يمثل انفاقا استثماريا يجب الحصول على عائد منه يغطي الانفاق ويزيد عنه,  فهو حافز مالي يتوقف عليه - وإلى حد كبير -  مستوى الرضا الوظيفي لدى العاملين , على اختلاف أنواعهم وفئاتهم.

تتعمق هذه المحاضرة  في المجال الحاسم للتعويض المباشر داخل المنظمات، وتسلط الضوء على دورها الأساسي كمصدر لكسب العيش للموظفين واستثمار للمؤسسات. يشمل التعويض المباشر حوافز مالية مختلفة، مثل الرواتب والأجور والمكافآت والأجور الإضافية، والتي يتم تقديمها جميعًا مقابل مساهمات الفرد في المنظمة. تركز الفلسفة الكامنة وراء التعويض المباشر على ربط المكافآت المالية بالأداء والسلوك الاستثنائي، بما يتماشى مع الأهداف التنظيمية. كما يستكشف الاتجاه الأخير المتمثل في ربط التعويض المباشر برضا العملاء، مع تسليط الضوء على الترابط بين الجودة ورضا العملاء والحوافز المالية ضمن الثقافة التنظيمية الحديثة. تتناول المقالة كذلك مكونات الحوافز المالية المباشرة، والتمييز بين الحوافز الفردية والجماعية، ومناقشة مزايا وعيوب هياكل التعويض القائمة على الوقت والإنتاج.

الفلسفة التي يقوم عليها التعويض المباشر:

يعرف التعويض المباشر بأنه مبالغ من المال مختلفة الأشكال (راتب، أجر، مكافأة، أجر إضافي...إلخ) , يحصل عليها الفرد من المنظمة لقاء ما يقدمه لها من مساهمات متنوعة  تتمثل في جهده وسلوكه في أداء عمله , والوقت الذي يقضيه فيه، وكذلك ما يمتلكه من مهارات ومؤهلات علمية, تمكنه من الأداء الجيد. يفهم مما سبق أن القاعدة التي يقوم عليها التعويض المباشر، هي ربط الحصول عليه بأداء وسلوك جيدين مرغوب فيهما من أجل الإسهام وبشكل مباشر في تحقيق أهداف المنظمة.

ومن هذا المنطلق يمكننا القول بان أساس استحقاق التعويض المباشر شيئان هما: الأداء والسلوك المطلوبين في أداء العمل أو الوظيفة المكلف بها الفرد في المنظمة و واللذان يجب أن يتصفا بما يلي:

 

·  الوقت: ليكون أداء الفرد وسلوكه وفق ما هو مرغوب ومطلوب، يجب أن يلتزم ويحترم مواعيد العمل الرسمية، وتقليل معدل غيابه وتأخره غير المبررين عن العمل إلى أدنى حد ممكن.

· الطاقة: يتوجب على الفرد بذل أكبر قدر ممكن من طاقته الفسيولوجية والذهنية في انجاز ما هو مطلوب منه.

·  الكفاءة: وتعني ان يحقق الفرد في أداء عمله المعايير المطلوبة كحد أدنى، وهذا لا يكفي لأن الكفاءة تعني تخطي هذه المعايير لتحقيق الفاعلية في أدائه بشكل يتحقق معه النفع له، وللمنظمة  في آن واحد.

·   التعاون: يتطلب أسلوب العمل الجديد في المنظمات ان يتقن الفرد مهارة العمل ضمن الفريق، الذي أساس النجاح فيه هو التعاون مع الآخرين في انجاز المطلوب، فالتعاون أساس لتظافر جهود العاملين من اجل تحقيق فاعلية أداء المنظمة ككل.

·   السلوك الحسن: يعتبر سلوك الفرد الحسن في مكان العمل مع رؤسائه وزملائه ومرؤوسيه شيئا أساسيا ومكملا للأداء الفعال , الذي أصبح ينظر إليه على أنه يتكون من أداء وسلوك جيدين في آن واحد.

في الآونة الأخيرة تم ربط التعويض المباشر مع التوجه المعاصر في مجال الإدارة والانتاج والتسويق  ألا وهو رضا الزبائن. ويتم تحقيق ذلك الرضا عن طريق تحقيق الجودة للمنتجات، وبالتالي أصبحت الجودة في المنظمات هدفا استراتيجيا يساعد على البقاء في السوق. فمسايرة مع هذا التوجه , أقدمت المنظمات تباعا تربط انظمة تعويضاتها المباشرة بمدى تحقيق مواردها البشرية للجودة التي تحدث الرضا لدى زبائنها , وهذا يعني لدينا ثلاث متغيرات مرتبطة ببعضها بعضا.

جودة مسئولة عنها الموارد البشرية ....تؤدي إلى .... تحقيق رضا الزبائن ....يؤدي إلى ..... الحصول على التعويضات المباشرة وتحسينها.

هذا التوجه اعتبرته المنظمة الحديثة والمعاصرة جزءا من فلسفتها وثقافتها التنظيمية , وبهذا يفهم كل من يعمل في المنظمة ان وضعه المالي ومدى تحسنه مربوط بمستوى رضا الزبائن والسوق , وهذا الأمر هو الذي يؤدي إلى بقائهم في العمل وبقاء المنظمة واستمراريتها.

 

مكونات التعويض المباشر:

تنقسم الحوافز المالية المباشرة  إلى قسمين رئيسيين هما :

 أولا: الحوافز الفردية:

سميت هذه الحوافز بالفردية لأنها تدفع للفرد على أساسا أنه وحدة عمل مستقلة، في ضوء جهده وفاعلية أدائه منفردا . وأهم هذه الحوافز ما يلي:

 

1. الراتب والأجر الأساسي:

 هو ذلك المبلغ المالي الذي يتقاضاه الفرد عند بداية تعيينه في المنظمة، وينص عليه في قرار تعيينه في الوظيفة المحددة له.

-   راتب الموظف الأساسي: مبلغ كذا من الوحدات النقدية في الشهر.

-   الأجر الأساسي للعامل في ساعة الزمن أو أجر القطعة الأساسي:  هو كذا وحدة نقدية.

ويضاف إلى الراتب والأجر الأساسي مبالغ للعلاوات والمكافآت والتعويضات المالية الأخرى التي يحصل عليها الفرد مع مرور الزمن واستمرارية عمله في المنظمة.

من حيث المضمون:كلاهما ( الراتب والأجر) تعويض نقدي مباشر يتقاضاه الفرد من المنظمة لقاء مساهماته التي قدمها لها , والتي تأخذ شكل الجهد والنشاط وكمية العمل.

من حيث الشكل: نرى ان الراتب في العرف يطلق على التعويض النقدي الذي يدفع لشاغلي الأعمال الإدارية والمكتبية، حيث تدفع تعويضاتهم عادة على أساسا الزمن , ونسميهم " الموظفين ".

أما مصطلح الأجر , فهو يطلق على التعويض النقدي الذي يدفع لشاغلي الأعمال المصنعية والانتاجية , ونسميهم بـ " العمال " ، حيث تدفع تعويضاتهم عادة على أساس كمية الانتاج , او على أساس الزمن، او الاثنين معا في بعض الحالات.

إن الفرق بين الراتب والأجر هو فرق في الشكل وليس في المضمون.

 

دفع الرواتب والأجور على أساسا الزمن :

ويتميز دفع الرواتب والأجور على أساسا الزمن بالمزايا التالية:

·  يزيد من أواصر التعاون بين العاملين، ولا يثير الغيرة في نفوس بعضهم، لأنه يعامل الجميع معاملة واحدة على أساسا الزمن، وبالتالي لا يستطيع ان يحصل بعضهم على أجر أعلى نتيجة زيادة إنتاجيته.

·   يضمن هذا النظام دخلا ثابتا للعاملين لا يتغير بتغير إنتاجيتهم، وهذا يولد لديهم شعورا بالراحة والاطمئنان النفسي.

ومن سلبيات نظام الدفع على أساسا الزمن نذكرها فيما يلي:

·   لا يخلق حافزا قويا للعمل بكفاءة , لمساواته في التعويض بين الفرد النشط، وغير النشط، إذ أن جميعهم يتقاضى تعويضا واحدا في نهاية الفترة الزمنية.

·  لا يشجع روح الابتكار في العمل لدى العاملين الأكفاء , لمساواتهم بالعاملين العاديين.

·  عدم التأكد من التكلفة الحقيقية للعمل، فالإنتاج قد يختلف بدرجة ملحوظة، بينما الأجر أو الراتب المدفوع لا يتغير.

 

دفع الرواتب والأجور على أساسا الإنتاج :

ومن مزايا الراتب والأجر على أساسا الانتاج (الأجور التشجيعية):

·    يعتبر حافزا قويا للعمل بكفاءة، مما يعود بالنفع على العاملين، وذلك على شكل زيادة في أجورهم , وكذلك الشركة تزيد كمية إنتاجها نتيجة زيادة كفاءة العاملين في العمل.

·     يساعد على خلق روح الابتكار لدى العاملين وتحسين أسلوب عملهم، وذلك لزيادة انتاجهم، وبالتالي الأجر الذي يتقاضونه.

·     يحقق هذا المعيار العدالة في دفع الأجور، إذ يتقاضى كل فرد عائدا حسب عمله وجهده.

ومن حيث المآخذ على هذا الأسلوب أو الطريقة في الدفع  فهو يناسب دفع أجور العاملين الأكفاء فقط، إذ من المحتمل ان يكون هناك فئة من العاملين لديها رغبة في العمل وسلوكها جيد، لكن طاقتها وإمكانياتها لا تساعدها على زيادة انتاجها عن مستوى معين، نتيجة لذلك سيتولد لدى بعض العاملين غيرة وحسدا من الفئة ذات الكفاءة المرتفعة.

وبوجه عام يتم تحديد الأجر بموجب الدفع على أساسا معيار الانتاج بواسطة طريقتين هما:

 

-      الأجر الفردي:

يستخدم الأجر الفردي في حالة إمكانية قياس أنجاز الشخص بشكل منفرد، ويختلف مقدار الدخل الذي يحصل عليه من إنتاجه، باختلاف أسلوب حساب أجره الذي يتم من خلال أسلوبين هما:

أجر القطعة الموحد : أجر القطعة , زمن القطعة (وجود وقت معياري لكل قطعة) كإنتاج القطعة الواحدة في زمن 15 دقيقة , أي في اليوم 08 ساعات عمل تكون كمية الإنتاج فيها هو: في الساعة الواحدة يكون الإنتاج بمعدل 4 وحدات : ( 60 دقية = 15د × 4) , وبالتالي إنتاج 8 ساعات : 4 وحدات (إنتاج الساعة الواحدة) × 8 = 32 قطعة.

أجر القطعة المتغير , كأن يكون كالتالي :

إنتاج  49 قطعة , أجر الواحدة هو : 5 دج.

50 -70 قطعة  , أجر الوحدة هو : 7 دج  

يتميز هذا الأسلوب في انه يوفر حافزا قويا لزيادة الإنتاج.

 

-      الأجر الجماعي:

ويستخدم بهدف تدعيم التعاون وعمل الفريق , حيث يعرف الجميع أنهم كلما تعاونوا في انجاز المطلوب من الفريق زاد تعويضهم.

تتميز الطريقة الجماعية في دفع الأجور التشجيعية بانها وسيلة يمكن بواسطتها تنمية روح الجماعة والفريق، وتنمية روح المسؤولية الجماعية بين العاملين، وتدفعهم للتعاون من أجل تحقيق المعايير المطلوبة، بما فيه صالحهم وصالح المنظمة.

إن نجاح الأجور التشجيعية يتوقف على مجموعة من العوامل أهمها:

1-         أن تكون معايير الأداء المطلوب إنجازها معقولة، أي تقع ضمن إمكانيات الأفراد.

2-         توفير البيئة المادية والنفسية التي تساعد العاملين على تحقيق المعايير المطلوبة.

3-         أن تكون الظروف المحيطة بأداء العمل تحت سيطرة العاملين كالمرونة، والحرية، والاستقلالية في العمل.

4-         أن يتناسب التعويض طردا مع الجهد المبذول، وهذا يمكن تحقيقه عن طريق جعل الأجور على شكل مستويات تندرج مع تدرج زيادة جهد العاملين.

 

2- العلاوة(الزيادة) الدورية:

 العلاوة هي عبارة عن مبلغ نقدي يدفع للفرد كل فترة زمنية محددة زيادة على راتبه أو أجره الأساسي، إذ لا يعقل أن يعين موظفا أو عاملا ما في وظيفة بأجر أو راتب معين ويبقى يتقاضاه طوال حياته الوظيفية، فالفرد يتوقع زيادة راتبه او أجره كل فترة زمنية محددة خلال مدة خدمته في المنظمة. وتدفع العلاوة عادة إذا حقق الفرد الشرطين التاليين:

·            مستوى معين من الأداء والكفاءة في وظيفته او عمله، وبغض النظر عن مستوى أدائه في السنوات الماضية، فكل فترة زمنية تستحق فيها العلاوة هي وحدة مستقلة عن الفترات السابقة.

·             مضي المدة الزمنية الدورية المحددة لمنح العلاوة , والتي قد تكون سنة او أكثر.

وحصول الفرد على علاوة جديدة يجعله يحتفظ بها طوال خدمته الوظيفية في المنظمة.

 

3- المكافآت المالية:

وهو مبلغ من المال يصرف للفرد المتميز في ادائه وعطائه في عمله او وظيفته. ويتم صرفها وفق معيارين هما:

1-          إذا حقق الفرد معدل أداء معين يشير إلى مستوى كفاءته في عمله، كأن تقول مثلا: من يحصل على تقدير كفاءة "ممتاز" في نهاية السنة يستحق 1000 وحدة نقدية ، ومن يحصل على تقدير كفاءة "حسن جدا" يستحق 800 وحدة نقدية ، وهكذا....الخ.

2-          إذا قام الفرد بعمل متميز , كحل مشكلة ما، تطوير شيء ما في العمل عاد بالنفع على المنظمة.

 وهنا يحدد عادة حدا أقصى للمكافأة لا يجوز تجاوزها, كما أن المكافأة تصرف عند تحقيق التميز , وغير تابعة للأجر او الراتب.

ولنجاح نظام المكافآت يتطلب عادة  توفير الجوانب التالية:

·              ربط الحصول على المكافأة بمستوى أداء وجهد الفرد وما يحققه من نتائج وانجازات , وهذا الأمر يتطلب وضع معايير أداء محددة يجب ان يحققها الفرد ويتجاوزها.

·              جعل المكافآت مستويات أي متدرجة بالارتفاع مع ارتفاع مستوى الأداء.

وبوجه عام يمكن القول : أن نظام المكافآت قائم على مفهوم أساسي هو إعادة تعزيز أو تقوية الأداء الجيد , أي أن تكون المكافآت مستمرة طالما أن أداء الفرد متميز، فالمعرفة المسبقة للعاملين بانهم كلما حققوا أداء متميزا حصلوا على مكافأة، هذا يشجعهم ويدفعهم للاستمرار في بذل الجهود  أكثر , وتحقيق التميز في الأداء.

 

4- الأجر الإضافي:

هو مبلغ من المال يدفع للفرد إضافة على راتبه وأجره الأساسي وتعويضاته الأخرى لقاء تكليفه بعمل إضافي خارج مواعيد العمل الرسمية، وسواء أكان هذا العمل يدخل ضمن نطاق عمله الأصلي أو لا يدخل.

ويمكن القول ان فلسفة الأجر الإضافي تقوم على تشجيع وتحفيز العاملين, لأن يعملوا خارج أوقات العمل الرسمي عندما تحتاج إليهم المنظمة في حالة وجود ضغط عمل زائد لديهم، فالعمل الإضافي هو طوعي وليس إلزامي، ولا تجبرهم على عمله  , لذلك فهي تدفع لهم حافزا (تعويضا) ماليا إضافيا على راتبهم أو أجرهم لتحفزهم على قبوله. ومن هذا المنطلق فهو حافز تشجيعي، وليس مكافأة , ولا يدخل ضمن الراتب أو الأجر على أساس أنه ليس مستمرا.


ثانيا : الحوافز الجماعية 


سوف نتناول تفصيلها في المحاضرة القادمة.

google-playkhamsatmostaqltradent