في محاضرتنا السابقة، بحثنا في تعقيدات بيئة التسويق الدولية، وشرحنا العوامل الاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي تشكل مشهد الأعمال الدولية. واليوم، نشرع في استكشاف شامل لبعدين محوريين: البيئة السياسية والقانونية الدولية، فضلاً عن البيئة التكنولوجية المتطورة باستمرار في سياق التسويق الدولي.
يعد فهم تلك القوى السياسية والأطر القانونية والتقدم التكنولوجي أمرًا بالغ الأهمية للشركات التي تتنقل في الاسواق الدولية المختلفة. تؤثر هذه العناصر بشكل كبير على استراتيجيات وعمليات المسوقين الدوليين، وتشكل الطريقة التي يتعاملون بها مع الأسواق، ويتخذون القرارات، ويستجيبون للتحديات.
تابع معنا - ايها القارئ العزيز - المفاهيم العميقة الخاصة بذلك... لا تنس مفكرتك وقلمك وتسجيل اهم الافكار والمعلومات لمساعدتك على افضل تركيز واستفادة من هذا الكنز المعد لك خصيصا
A - البيئة السياسية والحكومية
تعريف البيئة السياسية الدولية:
تشير البيئة السياسية في التسويق الدولي إلى مجموعة العوامل والشروط المتعلقة بالمشهد السياسي والتي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على عمليات الشركة وصنع القرار في الأسواق العالمية. وهو يشمل التفاعلات بين الشركات والهياكل الحكومية والسياسات والأيديولوجيات السياسية على المستويين الوطني والدولي.
البيئة السياسية الدولية قبل وبعد 1991
تأثر المشهد السياسي العالمي قبل عام 1991 بشدة بالتنافس في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي. وانحازت الدول إلى أي من القوتين العظميين، وأثر هذا الاستقطاب على التجارة والتحالفات الدولية. وكان لذلك آثار على استراتيجيات التسويق الدولية، حيث كان على الشركات في كثير من الأحيان أن تتماشى مع التوجه السياسي لبلدانها الأصلية.
وكانت الحواجز التجارية بارزة، حيث تبنت العديد من البلدان سياسات حمائية لحماية الصناعات المحلية. واجه التسويق الدولي تحديات تتعلق بالتعريفات الجمركية والحصص وغيرها من الحواجز التي أعاقت التدفق الحر للسلع والخدمات. كما واجهت الشركات محدودية الوصول إلى الأسواق في مناطق معينة بسبب التحالفات والقيود السياسية.
كان تفكك الاتحاد السوفييتي في عام 1991 بمثابة نهاية للحرب الباردة، مما أدى إلى تحولات كبيرة في المشهد السياسي الدولي. لقد تحول العالم من نظام ثنائي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب.
بعد عام 1991، كان هناك اتجاه نحو العولمة والتحرير الاقتصادي. وتبنت العديد من البلدان مبادئ السوق الحرة، فخفضت الحواجز التجارية وعززت نظاماً اقتصادياً دولياً أكثر انفتاحاً.
أدى انهيار الاتحاد السوفييتي وانفتاح الاقتصادات التي كانت مغلقة سابقًا إلى خلق فرص جديدة في السوق. أصبحت بلدان أوروبا الشرقية وآسيا، التي كانت وراء الستار الحديدي، متاحة لجهود التسويق الدولية.
كما شهدت فترة ما بعد عام 1991 زيادة التركيز على التكامل الإقليمي وتشكيل الاتفاقيات التجارية. وكانت منظمات مثل الاتحاد الأوروبي واتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا) تهدف إلى إنشاء أسواق أكبر وأكثر سهولة في الوصول إليها.
انواع البيئات السياسية وتأثيرها على التسويق الدولي:
فيما يلي انواع البيئة السياسية في التسويق الدولي وهي:
أ- البيئات السياسية المستقرة:
في البلدان المستقرة سياسيا، تستفيد الشركات من مناخ تشغيلي موثوق وآمن. ويخلق هذا الاستقرار بيئة مواتية للاستثمارات طويلة الأجل ويتيح التخطيط الاستراتيجي الفعال. ويمكن للشركات أن تتعهد بثقة بالتزامات كبيرة، مثل بناء البنية التحتية أو إنشاء مرافق الإنتاج، مع العلم أن المشهد السياسي من غير المرجح أن يخضع لتغيرات مفاجئة ومدمرة. تسمح القدرة على التنبؤ في صنع السياسات بمواءمة أفضل لاستراتيجيات الأعمال مع اللوائح الحكومية.
ومع ذلك، فإن هذا الاستقرار يجلب أيضًا بعض التحديات. إن جاذبية البيئة السياسية المستقرة يمكن أن تؤدي إلى زيادة المنافسة. ومع انجذاب المزيد من الشركات إلى الأمن وإمكانية التنبؤ التي يوفرها المناخ السياسي المستقر، فقد تصبح السوق مشبعة. يمكن لهذه المنافسة المتزايدة أن تخلق تحديات لكل من الداخلين الجدد واللاعبين الحاليين من حيث حصة السوق والتمايز.
ب - الأنظمة الاستبدادية أو الشمولية:
في البيئات التي تمارس فيها الحكومة سيطرة كبيرة، قد تستفيد الشركات من عمليات صنع القرار المبسطة والتوجيهات الواضحة. يمكن أن تشهد الصناعات التي تفضلها الحكومة ظروفًا مزدهرة، حيث يتم تصميم السياسات غالبًا لدعم قطاعات محددة. وهذا يمكن أن يخلق بيئة عمل مستقرة وخاضعة للرقابة.
ومع ذلك، فإن الطبيعة الاستبدادية لهذه الأنظمة تطرح تحديات. وتحد الرقابة الحكومية الصارمة من حرية الأعمال، وتنتشر المخاوف بشأن الرقابة والتغييرات التنظيمية المفاجئة. إن الافتقار إلى الشفافية وعدم القدرة على التنبؤ في عملية صنع السياسات يمكن أن يخلق حالة من عدم اليقين لدى المسوقين الدوليين العاملين في مثل هذه الأنظمة.
ج - الأنظمة الديمقراطية:
توفر الديمقراطيات الشفافية والالتزام بسيادة القانون وحماية الحقوق الفردية. وهذا يوفر بيئة مواتية للمنافسة العادلة والممارسات التجارية الأخلاقية. يمكن للشركات الاستفادة من النظام الذي يقدر الشفافية والمساءلة.
ومع ذلك، تنشأ التحديات في الديمقراطيات بسبب تباطؤ عمليات صنع القرار. التحولات السياسية والتغيرات في السياسات مع كل حكومة جديدة يمكن أن تؤدي إلى حالة من عدم اليقين. يجب على الشركات أن تتنقل بين الآراء العامة المتنوعة وأن تتكيف مع استراتيجيات التسويق لتتوافق مع القيم المجتمعية التي قد تختلف بين السكان.
د - الدول التي تعاني من عدم الاستقرار السياسي:
على الرغم من التحديات، يمكن للمناطق غير المستقرة سياسيا أن توفر فرصا للشركات الراغبة في تحمل المخاطر المحسوبة. الدخول المبكر خلال فترات الاستقرار في الأسواق الناشئة يمكن أن يؤدي إلى ميزة تنافسية، حيث تثبت الشركات نفسها قبل المنافسين.
ويجلب عدم الاستقرار السياسي مجموعة من التحديات الخاصة به، بما في ذلك التغييرات التنظيمية المفاجئة، وانخفاض قيمة العملة، والمخاطر الأمنية المتزايدة. لتحقيق النجاح في مثل هذه البيئات، يصبح من الضروري وجود استراتيجية قوية لإدارة المخاطر.
هـ - المنظمات العالمية والتكتلات التجارية:
إن العضوية في المنظمات العالمية والتكتلات التجارية تعمل على تبسيط الأنظمة التجارية وتسهيل الوصول إلى أسواق أكبر بمعايير مشتركة. وهذا يمكن أن يقلل من الحواجز التجارية ويخلق بيئة أعمال دولية أكثر بساطة.
ومع ذلك، فإن التكتلات التجارية تسبب تعقيدات، مما يستلزم الالتزام باللوائح الإقليمية. يمكن للتغيرات في الديناميكيات السياسية داخل الكتلة أن تؤثر على استراتيجيات التسويق الدولية، مما يتطلب القدرة على التكيف مع الظروف التجارية المتطورة.
العوامل الأساسية التي تشكل البيئة السياسية في سياق التسويق الدولي:
تتمثل العوامل الاساسية للبيئة السياسية في التسويق الدولي للشركات ما يلي:
1. السياسات الحكومية:
يمكن أن تؤثر السياسة الحكومية على تكلفة ممارسة الأعمال التجارية في بلد ما، ومخاطر التدخل الحكومي، ومدى توفر قنوات التسويق. على سبيل المثال، قد تفرض الحكومة تعريفات جمركية على المنتجات المستوردة، مما قد يجعل تسويق منتجاتها في بلد ما أكثر تكلفة بالنسبة للشركات. أو قد تقوم الحكومة بتقييد استخدام قنوات تسويقية معينة، مثل التلفزيون أو الراديو.
· التعريفات الجمركية: التعريفات الجمركية هي الضرائب التي تفرضها الحكومات على السلع المستوردة. يمكن أن تجعل تسويق منتجاتها في بلد ما أكثر تكلفة بالنسبة للشركات ويمكن أن تؤدي إلى انخفاض المبيعات والأرباح.
· الحواجز غير الجمركية: الحواجز غير الجمركية هي قيود تجارية لا تستند إلى التعريفات الجمركية. ويمكن أن تشمل الحصص ومتطلبات الترخيص والمعايير الفنية. يمكن للحواجز غير الجمركية أن تجعل من الصعب على الشركات دخول أسواق جديدة ويمكن أن تزيد من تكلفة ممارسة الأعمال التجارية.
· المشتريات الحكومية: الحكومات هي المشترين الرئيسيين للسلع والخدمات. يمكن للشركات القادرة على تأمين العقود الحكومية أن تكتسب ميزة كبيرة في السوق. ومع ذلك، يمكن أن تكون المشتريات الحكومية أيضًا عرضة للتدخل السياسي والفساد.
· حماية الملكية الفكرية: تعتبر الحماية القوية للملكية الفكرية أمرًا مهمًا للشركات التي تعمل في الأسواق الأجنبية. تشمل الملكية الفكرية العلامات التجارية وحقوق النشر وبراءات الاختراع. وبدون حماية قوية للملكية الفكرية، قد تجد الشركات صعوبة في حماية اختراعاتها وابتكاراتها من النسخ.
2. الاستقرار السياسي:
قد تواجه الشركات العاملة في البلدان ذات الأنظمة السياسية غير المستقرة خطرًا أكبر يتمثل في المصادرة أو التأميم أو أي تدخل حكومي آخر. على سبيل المثال، قد تتم الإطاحة بالحكومة في انقلاب، مما قد يؤدي إلى فترة من عدم الاستقرار وعدم اليقين. وهذا يمكن أن يجعل من الصعب على الشركات التخطيط للمستقبل وتطوير استراتيجيات تسويقية فعالة.
· المخاطر السياسية: المخاطر السياسية هي المخاطر المتمثلة في قيام الحكومة باتخاذ إجراءات من شأنها الإضرار بعمليات الشركة أو استثماراتها. ويمكن أن تشمل المخاطر السياسية المصادرة، والتأميم، وضوابط العملة، واللوائح التي تقيد الوصول إلى الأسواق.
· مخاطر الدولة: مخاطر الدولة هي المخاطر الإجمالية لممارسة الأعمال التجارية في دولة معينة. ويأخذ في الاعتبار عوامل مثل الاستقرار السياسي، والاستقرار الاقتصادي، والاستقرار القانوني.
· المخاطر السيادية: المخاطر السيادية هي مخاطر عجز الحكومة عن سداد ديونها. وهذا يمكن أن يجعل من الصعب على الشركات الحصول على التمويل ويمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي.
3. الفساد:
يمكن أن تؤدي مستويات الفساد المرتفعة إلى زيادة تكلفة ممارسة الأعمال التجارية وتجعل من الصعب على الشركات التنافس بشكل عادل. على سبيل المثال، قد تضطر الشركات إلى دفع رشاوى للمسؤولين الحكوميين من أجل الحصول على التصاريح والتراخيص والموافقات الأخرى. وهذا يمكن أن يضع الشركات في وضع غير مؤات مقارنة بالشركات المحلية التي لا تدفع رشاوى.
4. النظام القانوني:
يمكن للنظام القانوني الضعيف أو غير المتوقع أن يزيد من صعوبة حماية الشركات لملكيتها الفكرية وحل النزاعات. على سبيل المثال، قد لا يكون لدى الحكومة قوانين تحمي العلامات التجارية أو حقوق النشر. أو قد يكون لدى الحكومة نظام قانوني بطيء وغير فعال، مما قد يجعل من الصعب على الشركات حل النزاعات مع العملاء أو الموردين.
· قانون العقود: قانون العقود هو القانون الذي يحكم العقود. من المهم للشركات أن تفهم قانون العقود في البلدان التي تعمل فيها لتجنب النزاعات.
· القانون التجاري: القانون التجاري هو القانون الذي يحكم الأنشطة التجارية. ويشمل قوانين العقود والملكية الفكرية والإفلاس.
· قانون الضرائب: قانون الضرائب هو القانون الذي يحكم الضرائب. تحتاج الشركات إلى فهم قوانين الضرائب في البلدان التي تعمل فيها لتجنب دفع الكثير من الضرائب.
· قانون العمل: قانون العمل هو القانون الذي يحكم العلاقة بين أصحاب العمل والموظفين. تحتاج الشركات إلى فهم قوانين العمل في البلدان التي تعمل فيها لتجنب انتهاك حقوق موظفيها.
أمثلة على بعض الشركات التي تأثرت بالبيئة السياسية في الأسواق الخارجية:
فيما يلي بعض الأمثلة على تأثير البيئة السياسية السلبي (المخاطر السياسية) على بعض الشركات التي تقوم بالتسويق خارج بلدها الأصلي هي:
شركة كوكا كولا:
شركة كوكا كولا هي شركة مقرها الولايات المتحدة تنتج وتبيع المشروبات الغازية والعصائر والمياه وغيرها من المشروبات. تعد شركة كوكا كولا إحدى العلامات التجارية الأكثر شهرة وقيمة في العالم، وتعمل في أكثر من 200 دولة. ومع ذلك، تواجه شركة كوكا كولا أيضًا مخاطر وتحديات سياسية في بعض أسواقها. على سبيل المثال، في الهند، واجهت شركة كوكا كولا ادعاءات باستغلال الموارد المائية، والتسبب في أضرار بيئية، وبيع منتجات تحتوي على مبيدات حشرية ضارة. وأدت هذه الاتهامات إلى احتجاجات ومقاطعات وإجراءات قانونية ضد الشركة، مما أضر بسمعتها ومبيعاتها. كان على شركة كوكا كولا أن تستثمر في الحفاظ على المياه، واختبار الجودة، وبرامج تنمية المجتمع لمعالجة هذه المشكلات واستعادة الثقة.
ماكدونالدز في روسيا:
في عام 2022، أغلقت ماكدونالدز جميع مطاعمها في روسيا ردًا على غزو البلاد لأوكرانيا. تم اتخاذ هذا القرار بعد أن واجهت ماكدونالدز ضغوطًا من المستهلكين والحكومات حول العالم.
نايكي في الصين:
كانت نايكي هدفا رئيسيا للرقابة الحكومية الصينية في السنوات الأخيرة. وفي عام 2019، اضطرت شركة نايكي إلى سحب مجموعة منالأحذية الرياضية التي تتميز بتصميم اعتبر أنه لا يحترم العلم الوطني الصيني. كما تعرضت الشركة لانتقادات لاستخدامها العمل القسري في الصين.
أبل في الهند:
واجهت شركة أبل عددًا من التحديات في الهند، بما في ذلك ارتفاع الضرائب والرسوم الجمركية، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على الموافقات التنظيمية. وفي عام 2017، اضطرت الشركة إلى وقف مبيعات iPhone 6s لفترة وجيزة في الهند بعد أن قضت الحكومة بأن الهاتف انتهك براءة اختراع مملوكة لشركة محلية.
مايكروسوفت في الصين:
كانت مايكروسوفت لاعبًا رئيسيًا في السوق الصينية لسنوات عديدة، لكن الشركة واجهت تدقيقًا متزايدًا من الحكومة الصينية في السنوات الأخيرة. وفي عام 2021، حظرت الحكومة الصينية استخدام نظام التشغيل Windows 10 في المكاتب الحكومية، بسبب مخاوف أمنية.
جوجل في الصين:
تعمل جوجل في الصين منذ عام 2006، لكن الشركة اضطرت إلى فرض رقابة على نتائج البحث والمنتجات الأخرى من أجل الامتثال للقانون الصيني. وفي عام 2010، أعلنت شركة جوجل أنها لن تقوم بعد الآن بفرض رقابة على نتائج البحث الخاصة بها في الصين، لكن الشركة اضطرت إلى التراجع عن هذا القرار بعد أن هددت الحكومة الصينية بحجب موقعها الإلكتروني.
شركة الايس كريم Ben & Jerry's الامريكية في روسيا:
تشتهر شركة Ben & Jerry's للايس كريم بنشاطها الاجتماعي، وكانت الشركة صريحة في عدد من القضايا السياسية، بما في ذلك تغير المناخ، والعدالة العرقية، وحقوق LGBTQ+ (مثلي الجنس). وقد أدى هذا في بعض الأحيان إلى تحديات في الأسواق الخارجية. على سبيل المثال، في عام 2013، مُنعت شركة Ben & Jerry's من دخول روسيا بعد أن انتقدت الشركة القوانين المناهضة لمجتمع LGBTQ+ في البلاد.
شركة Patagonia للملابس والعتاد الخارجي الامريكية في كندا:
تلتزم باتاغونيا بالاستدامة وحماية البيئة، وكانت الشركة تنتقد السياسات الحكومية التي تعتقد أنها ضارة بالبيئة. وقد أدى هذا في بعض الأحيان إلى توترات مع الحكومات الأجنبية. على سبيل المثال، في عام 2017،غرمت الحكومة الكندية باتاغونيا بزعم انتهاكها لقوانين وضع العلامات في البلاد.
شركة The Body Shop لمستحضرات التجميل ومستلزمات النظافة البريطانية في الصين:
تشتهر شركة The Body Shop بالتزامها بالمصادر الأخلاقية والمنتجات الخالية من القسوة، وكانت الشركة تنتقد التجارب على الحيوانات وانتهاكات حقوق الإنسان. وقد أدى هذا في بعض الأحيان إلى تحديات في الأسواق الخارجية. على سبيل المثال، في عام 2013، مُنعت شركة The Body Shop من بيع منتجاتها في الصين بعد أن رفضت الشركة اختبار منتجاتها على الحيوانات.
شركة ikea السويدية في روسيا:
تشتهر شركة إيكيا بأثاثها الأنيق وبأسعار معقولة، وقد نجحت الشركة في التوسع في عدد من الأسواق الخارجية. ومع ذلك، واجهتإيكيا أيضًا تحديات في بعض البلدان بسبب عدم الاستقرار السياسي والفساد. على سبيل المثال، في عام 2012، اضطرت شركة إيكيا إلى إغلاق متاجرها في روسيا بعد أن استولت حكومة البلاد على أحد مصانع الشركة.
شركة الالعاب LEGO الدانماركية في المملكة العربية السعودية:
تُعد شركة LEGO رمزًا عالميًا، وتُباع ألعاب الشركة في أكثر من 130 دولة. ومع ذلك، واجهت شركة LEGO أيضًا تحديات في بعض البلدان بسبب الرقابة السياسية والقيود المفروضة على التجارة. على سبيل المثال، في عام 2016، مُنعت شركة LEGO من بيع منتجاتها في المملكة العربية السعودية بعد أن اعترضت حكومة البلاد على تصوير الشركة لشخصيات بشرية.
شركة الايس كريم Häagen-Dazs الامريكية في الارجنتين:
تعد Häagen-Dazs علامة تجارية مشهورة للآيس كريم، وتباع منتجات الشركة في أكثر من 60 دولة. ومع ذلك، واجهت شركة Häagen-Dazs أيضًا تحديات في بعض البلدان بسبب القيود التجارية وتقلبات أسعار العملات. على سبيل المثال، في عام 2015، اضطرت شركة Häagen-Dazs إلى رفع الأسعار في الأرجنتين بعد انخفاض قيمة عملة البلاد.
هذه مجرد أمثلة قليلة للشركات التي تأثرت بالبيئة السياسية في الأسواق الخارجية. يتعين على الشركات التي تعمل في الأسواق الأجنبية أن تكون على دراية بالمخاطر السياسية التي تنطوي عليها وأن تتخذ خطوات للتخفيف منها. ومن خلال القيام بذلك، يمكن للشركات زيادة فرص نجاحها في السوق العالمية.
B- البيئة التكنولوجية
تعريف البيئة التكنولوجية في التسويق الدولي
تشير البيئة التكنولوجية للتسويق الدولي إلى مجموعة العوامل والشروط الخارجية المتعلقة بالتكنولوجيا والتي تؤثر على الأنشطة التسويقية للشركات على نطاق عالمي. وتتميز هذه البيئة بالتطور السريع للتكنولوجيا وتأثيرها الواسع على مختلف جوانب استراتيجيات التسويق الدولية.
المكونات الرئيسية للبيئة التكنولوجية التسويقية الدولية
تشمل المكونات الرئيسية للبيئة التكنولوجية التسويقية الدولية ما يلي:
تكنولوجيا الاتصالات:
يلعب توافر تقنيات الاتصالات وتقدمها، مثل الإنترنت والأجهزة المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي، دورًا حاسمًا في تشكيل كيفية وصول الشركات إلى جمهورها المستهدف الدولي والتفاعل معه.
مثال 1- منصات التواصل الاجتماعي: تستخدم الشركات منصات مثل Facebook وTwitter وInstagram للوصول إلى جمهور عالمي والتفاعل مع العملاء والترويج للمنتجات أو الخدمات على المستوى الدولي.
مثال 2: WeChat للمراسلة والتسويق العالمي: تستخدم الشركات WeChat، وهو تطبيق مراسلة شائع في آسيا، للتسويق الدولي من خلال ميزات مثل الإعلانات داخل التطبيق ومشاركة العملاء والتجارة الإلكترونية.
التجارة الإلكترونية والمنصات الرقمية:
أدى ظهور التجارة الإلكترونية والمنصات الرقمية إلى تغيير طريقة شراء وبيع المنتجات والخدمات على مستوى العالم. تحتاج الشركات إلى تكييف استراتيجياتها التسويقية للاستفادة من القنوات عبر الإنترنت بشكل فعال.
مثال 1 : أمازون وعلي بابا. توفر شركات التجارة الإلكترونية العملاقة هذه سوقًا عالميًا للشركات لبيع المنتجات دوليًا، مما يوفر منصة للتجارة عبر الحدود.
مثال 2: الأسواق الرقمية مثل Etsy: يستخدم الحرفيون منصات مثل Etsy لبيع المنتجات المصنوعة يدويًا على مستوى العالم، مع الاستفادة من الوصول الدولي للمنصة وسهولة إعداد واجهة المتجر.
تحليلات البيانات والبيانات الضخمة:
يوفر الحجم المتزايد للبيانات التي يتم إنشاؤها عالميًا فرصًا للشركات لاكتساب رؤى قيمة حول سلوك المستهلك واتجاهات السوق. يعد استخدام تحليلات البيانات وتقنيات البيانات الضخمة أمرًا ضروريًا لاتخاذ قرارات التسويق الدولي الفعالة.
مثال 1 : Google Analytics . تستخدم الشركات أدوات مثل Google Analytics لتحليل حركة المرور على موقع الويب، وسلوك المستخدم، والتركيبة السكانية، مما يتيح اتخاذ القرارات المستندة إلى البيانات في استراتيجيات التسويق الدولية.
المثال 2: التحليلات التنبؤية باستخدام IBM Watson: تساعد قدرات التحليلات التنبؤية التي يتمتع بها IBM Watson الشركات على التنبؤ باتجاهات السوق الدولية وسلوك المستهلك، وتوجيه عملية صنع القرار الاستراتيجي.
المثال 3: BigML للتحليلات التنبؤية: تساعد BigML، وهي منصة للتعلم الآلي، الشركات على التنبؤ باتجاهات السوق الدولية وسلوك المستهلك، مما يتيح اتخاذ قرارات استباقية في استراتيجيات التسويق.
تقنيات سلسلة التوريد:
تؤثر الابتكارات في تقنيات سلسلة التوريد، مثل blockchain والأتمتة اللوجستية، على كفاءة وموثوقية توزيع المنتجات الدولية. يمكن أن تؤثر هذه التطورات على سرعة وفعالية تكلفة توصيل المنتجات إلى الأسواق العالمية.
مثال 1: تقنية RFID. يتم استخدام تحديد الترددات الراديوية (RFID) في سلاسل التوريد لتتبع المخزون وإدارته بكفاءة عبر الحدود، مما يؤدي إلى تحسين الشفافية وتقليل الأخطاء.
مثال 2: Blockchain للشحن الشفاف: يتم استخدام تقنية Blockchain لإنشاء عمليات شحن دولية شفافة ويمكن تتبعها، مما يضمن صحة المنتجات وأمنها أثناء النقل.
أنظمة الدفع عبر الحدود:
تعمل التطورات التكنولوجية في أنظمة الدفع عبر الحدود على تسهيل المعاملات الدولية، مما يسهل على الشركات المشاركة في التجارة العالمية. وهذا يؤثر على استراتيجيات التسعير والدفع في التسويق الدولي.
مثال 1: PayPal. تستخدم الشركات الدولية PayPal لإجراء معاملات آمنة وسلسة عبر الحدود، مما يوفر للعملاء طريقة دفع موثوقة ومقبولة على نطاق واسع.
مثال 2: العملة المشفرة للمعاملات الدولية: تقبل بعض الشركات العملات المشفرة مثل البيتكوين للمعاملات الدولية، مما يوفر خيار دفع بديل ولامركزي.
التكنولوجيا التنظيمية والامتثال:
يشتمل المشهد التكنولوجي على أدوات وأنظمة تساعد الشركات على التنقل والامتثال للوائح الدولية المتعلقة بخصوصية البيانات والأمن السيبراني والاعتبارات القانونية الأخرى.
مثال 1: برنامج الامتثال للقانون العام لحماية البيانات (GDPR). إذ تستخدم الشركات العاملة في الاتحاد الأوروبي أدوات برمجية لضمان الامتثال للائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، وحماية بيانات العملاء وتجنب المشكلات القانونية.
مثال 2: LegalTech لإدارة العقود الدولية: تساعد حلول التكنولوجيا القانونية الشركات في إدارة العقود الدولية والامتثال القانوني بكفاءة، مما يقلل من مخاطر المشكلات القانونية.
أدوات التوطين والعولمة:
تلعب التكنولوجيا دورًا حيويًا في تكييف المحتوى والاستراتيجيات التسويقية مع الثقافات واللغات المحلية. تعمل أدوات التوطين ومنصات التسويق العالمية على تمكين الشركات من تصميم رسائلها بشكل فعال للأسواق الدولية المتنوعة.
مثال: خدمات الترجمة. تستخدم الشركات خدمات الترجمة الاحترافية أو برامج الترجمة لتكييف المحتوى التسويقي مع اللغات المختلفة والفروق الثقافية الدقيقة عند استهداف الأسواق الدولية المتنوعة.
التقنيات الناشئة:
تتمتع الابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز بالقدرة على إعادة تشكيل الطريقة التي تتعامل بها الشركات مع المستهلكين على مستوى العالم. تعد مواكبة التقنيات الناشئة أمرًا بالغ الأهمية للحفاظ على الميزة التنافسية في الأسواق الدولية.
مثال: صالات عرض الواقع الافتراضي (VR). تستخدم بعض الشركات تقنية الواقع الافتراضي لإنشاء صالات عرض افتراضية، مما يسمح للعملاء في جميع أنحاء العالم بتجربة المنتجات أو الخدمات بطريقة غامرة دون وجود مادي.
يعد فهم البيئة التكنولوجية التسويقية الدولية والتنقل فيها بشكل فعال أمرًا ضروريًا للشركات التي تهدف إلى توسيع نطاق وصولها والنجاح في السوق العالمية الديناميكية والمترابطة.
تحديات البيئة التكنولوجية في التسويق الدولي للشركات:
فيما يلي أمثلة لشركات واجهت تحديات البيئة التكنولوجية في تسويقها الدولي لمنتجاتها أو خدماتها في بعض أسواقها العالمية:
GoPro - 1: واجهت شركة GoPro، وهي شركة تصنيع كاميرات الحركة الأمريكية، التحدي المتمثل في تكييف استراتيجياتها التسويقية مع التفضيلات الثقافية المختلفة في الأسواق الدولية. في الصين، على سبيل المثال، اكتشفت شركة GoPro أن المستهلكين المحليين يفضلون مقاطع الفيديو الأقصر والأكثر ديناميكية مقارنة بالأسلوب الأطول والأكثر سينمائية الذي يستخدمونه عادةً في الأسواق الغربية. ولتلبية هذه التفضيلات، أنتجت شركة GoPro محتوى محليًا لاقى صدى لدى الجماهير الصينية وزاد من شهرة علامتها التجارية في البلاد.
Patagonia - 2 : واجهت شركة باتاغونيا، وهي شركة ملابس خارجية أمريكية، صعوبات في توسيع تواجدها على الإنترنت في الصين بسبب البنية التحتية الفريدة للإنترنت في البلاد وقيود الرقابة. وللتغلب على هذه التحديات، عقدت باتاغونيا شراكة مع منصات التجارة الإلكترونية المحلية مثل JD.com وTmall للوصول إلى المستهلكين الصينيين بشكل فعال. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بتكييف موقع الويب الخاص بهم ليتوافق مع اللوائح الصينية ومنصات الوسائط الاجتماعية المتكاملة الشائعة في الصين، مثل WeChat، للتعامل مع العملاء المحتملين.
3- Duolingo : واجه Duolingo، وهو تطبيق لتعلم اللغة، التحدي المتمثل في توطين المحتوى واستراتيجيات التسويق الخاصة به للغات والسياقات الثقافية المختلفة. ولمعالجة هذه المشكلة، قامت Duolingo بتعيين متحدثين أصليين وخبراء ثقافيين للتأكد من أن واجهة التطبيق والترجمات والمواد التسويقية مناسبة ثقافيًا لكل سوق مستهدف. كما صمموا حملاتهم التسويقية بحيث تلقى صدى لدى الجماهير المحلية، وذلك باستخدام الفكاهة والمشاهير والاتجاهات الشعبية التي جذبت مناطق معينة.
3- Etsy : واجه موقع Etsy، وهو سوق عبر الإنترنت للسلع المصنوعة يدويًا والعتيقة، صعوبات في اكتساب قوة جذب في اليابان بسبب انخفاض معدل اعتماد بطاقات الائتمان في البلاد وتفضيل المدفوعات النقدية. وللتغلب على هذا العائق، عقدت Etsy شراكة مع مزود الدفع الإلكتروني الياباني Paidy لتمكين طرق دفع بديلة وتسهيل المعاملات للعملاء اليابانيين. كما قاموا أيضًا بترجمة موقع الويب الخاص بهم والمواد التسويقية الخاصة بهم لتكون أكثر حساسية ثقافيًا وجاذبية للسوق اليابانية.
4- Spotify for Music: واجهت شركة Spotify، وهي خدمة بث الموسيقى، التحدي المتمثل في التنافس مع منصات بث الموسيقى المحلية الراسخة في بعض الأسواق الدولية، مثل الصين. ولتمييز نفسها، دخلت Spotify في شراكة مع فنانين محليين وشركات تسجيل لتوسيع مكتبتها الموسيقية وتلبية الأذواق المحلية. كما استثمروا في الحملات التسويقية المحلية والتعاون مع المؤثرين لزيادة الوعي بالعلامة التجارية وجذب مستخدمين جدد في هذه الأسواق.
5- Shopify : واجهت Shopify، وهي منصة للتجارة الإلكترونية، صعوبات في تكييف منصتها وخدمات الدعم الخاصة بها مع اللغات المختلفة والمتطلبات التنظيمية في الأسواق الدولية. ولمواجهة هذا التحدي، استثمرت Shopify في توسيع فريق الدعم متعدد اللغات وتوفير الموارد المحلية، مثل البرامج التعليمية والوثائق، للتجار في مناطق مختلفة. كما تعاونوا أيضًا مع خبراء محليين لضمان الامتثال للوائح وقوانين الضرائب المحددة في كل سوق.
6- Slack : واجهت Slack، وهي منصة تواصل في مكان العمل، التحدي المتمثل في التغلب على الاختلافات الثقافية والحواجز اللغوية في توسعها الدولي. ولمعالجة هذه المشكلة، استثمرت Slack في ترجمة منصتها وموادها التسويقية إلى لغات متعددة. كما قاموا بتعيين فرق متنوعة ثقافيًا للتأكد من أن حملاتهم التسويقية ودعم العملاء مصممة خصيصًا لمناطق وجماهير محددة.